هُــــــــنّ .. بين الفتوى والفتّــه ..




** " تبرج النساء وسفورهن هو سبب ظهور وباء أنفلونزا الخنازير وانتشاره " ..

هكذا قالها ذلك الإمام والخطيب على المنبر يوم الجمعة 16/10/2009 .. وبكل ثقة وسعة صدر ..!!!

لتصدر تلك "التنهيده" العميقة في نفوس "الرجال" ..
والتي تدل على راحة بالهم وأن الإمام قد برأهم "تماما" من هذا الوباء ..!!


ونكتشف في هذه اللحظة عمق نظرة الأخ المجاهد الرفيق "كارل مركس" ..
حيث أكد أن : الدين أفيون الشعوب !!

صحيح أنه ذكرها في تعبيره عن اتحاد رجال الدين مع رجل السلطة بهدف التغييب .. ولكن نجد لها هنا تطبيق آخر ..

فعظمة على عظمة يا ماركس ..!!



** لن أتحدث هنا عن اختزال الإمام لأسباب ظهور هذا المرض على النساء وحدهن ..
ولن أتحدث عن سذاجة هؤلاء الرجال المستمعين إلى تلك الخطبة العقيمة بالكامل فعلا ..
ولن أتحدث عن نسيان الإمام - أو تعمد نسيانه - للأسباب الكثيرة التي يمكن أن تندرج تحت
حديث رسول الله - ص- حين قال :
( ما ظهرت الفاحشة في قومٍ حتى أعلنوا بها، إلا ابتلاهم الله بالأوجاع والطواعين التي لم تكن في أسلافهم )
..
ولن أتحدث عن الأسباب الآتية أيضا :
(1) موقف الرجال من غض البصر ..
(2) حب الدنيا الذي تملك من قلوبنا حتى كرهنا الجهاد واثاقلنا إلى الأرض ..
(3) مايحدث للمسجد الأقصى بسبب تخاذلنا ..
(4) ما يحدث يوميا في تركستان الشرقية من قتل لمئات "الشباب" ..
(5) ما يحدث في كوسوفو والشيشان من قتل لآلاف الأبرياء المسلمين هناك على أيدي الصرب ..
(6) .. (7) .......إلخ

لأنه ربما يقنعنا هذا الإمام - وأمثاله - بأن هذا كله بسبب "المرأة وبلاويها"
..!!!!!

ولكني سأتحدث عن نظرة المجتمع المعاصر للمرأة ..
وسأتحدث أيضا عن الرواسب التي تناقلت لنا من "الجاهلية الأولى" ..
أو من " الغزو الحضاري الغربي" ...


** تناولت العديد من المواقع والمنتديات هذه الأيام فيديو خاص بأحد الشيوخ
وهو "يفتي" بأن الفتاة المسلمة التي تذهب إلى الجامعات المختلطة
بأنها "آثمة" ..

وكان هناك موضوع قرأته بأحد منتديات يتحدث عن أن أساس البلوى
والفساد هو المرأة ..
وأن من الأفضل أن تلزم بيتها ولا تخرج منه إلا إلى قبرها ..!!

بالإضافة طبعا إلى كمية الفتاوي التي تحرم الاختلاط "نهائيا"
وبدون أي دليل شرعي
..!!!

لا أدري صراحة من أين جاء كل هؤلاء بما يقولون ..!!
ولا أدري -وهو الأهم- لمَ تستجيب "بعض" الفتيات لمثل ذلك ..!!

مثلا الفيديو الذي أخبرتكم عنه هذا أجد فيه فتاه تخبرنا
بأنها تركت كلية "الصيدلة" نزولاً لرأي هذا الشيخ الهُمام ..
والذي قضى على جزء مهم من الإسلام ومنهجه وهو
جالس تحت التكيف على ذلك الكرسي الهزاز
بعد أن بناه الرسول - ص - بصعوبة كلنا يعلم مداها
..!!



** لقد نظر الإسلام إلى المرأة نظرته الوسطية
بعيدا عن وجهتي النظر المتساويتين من حيث التطرف ..
وجهة النظر المنقوله من " الغرب الحضاري " ..
ووجهة النظر المنقولة من " الجاهلية الأولى " ..


(1) حررها من رواسب "الجاهلية الأولى" التي حرمت المرأة من الكثير من حقوقها
كالصلاة في المسجد واختيارها لزوجها والعمل والعلم
والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية ..
قال تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) ..
فجاء الإسلام بتعاليمه السمحة الوسطية ..
فكانت المسلمة الطبيبة ، والمسلمة المهندسة ، والمسلمة العالمة في الفلك .......إلخ
كانت أول طبيبة في الإسلام هي الصحابية الجليلة : رفيده -رضي الله عنها-
وكانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في رواية الحديث ..
وكانت أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - مشاركة في الحياة السياسية ( الهجرة النبوية ) ..
وغيرهن الكثير .. والكثير



(2) حررها أيضا من " الغزو الحضاري الغربي" والذي يدعو إلى : التسوية ..
ولكن تحت مسمى " المساواة " ..!!
فأذاب الفوارق بين الذكورة والأنوثة ..
مناقضا بذلك لفطرتها وفطرة الكون كله ..
وهو القائم على قاعدة "الزوجية" وليس "المثلية" ..
قال تعالى : ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) ..
فالحياة - من وجهة نظر الفطرة السليمة التي لا يخالفها الإسلام - تستقيم بالجنس ومقابله ، وليس بالجنس ومثله ...





** ما يدور الآن من تلك الفتاوي "الهابطة" التي تذاع على "بعض" القنوات الإسلامية
ما هو إلا فكرة " مستحدثة " لوأد البنات مرة أخرى ولكن بطريقة تناسب العصر ...!!


فنظرة المجتمع - وبالأخص هؤلاء الشيوخ - إلى الفتاة بدونية يجعلها مشوهة نفسيا ،
ويجعلها تبدأ في المنافسة والمزاحمة للرجل في "كل" ميادين العمل
فقط لتثبت له أنها ليست بحاجة إلى استبداده وبطشه ،
وأنها ليست كالحيوان الذي يتم تربيته في البيت داخل حظيرة محاطة أسوار شائكة ...
ولتثبت له أنها قادرة على أن تكون فرد صالح منتج في هذا المجتمع
الذي أصبح " معظمه" يتبنى الفكر "الذكوري" الذي هدم نصف المجتمع وشوه النصف الآخر ..
حتى أصبح مجتمع أعرج ( وهذا هو سبب اختيار الصورة بالأعلى ) ..!!



** سنعود في الجزء الثاني -بإذن الله- لنوضح بعض حقوق المرأة في المجتمع في نظر الشرع الإسلامي بدون إفراط أو تفريط ..

0 ردود: